الليلة اللي بدأ فيها الجرح يظهر على كتف ديمة، قرر فارس ياخذها لمكان مهجور كان ريان حاطه كإشارة في خريطة الجروح. مبنى قديم في طرف المدينة، مدرسة أُغلقت من عشر سنوات بعد حادثة “اختفاء جماعي” لطالبين في نفس اليوم… في نفس الساعة 3:33 صباحًا.
وصلوا عند الباب الحديدي، الصدأ آكل أطرافه، لكن مفتوح.
ديمة تتنفس بعمق:
“المكان هذا… أعرفه.”
فارس يطالعها:
“كيف؟”
“شفته بالحلم. كانوا كلهم هنا. دائرة كبيرة… وشيء يخرج من الجدار.”
يمشون داخل الممرات، كل ما تعمقوا، الإحساس بالثقل في الهواء يزيد. الجدران مغطاة برسومات غريبة… وجوه بلا عيون، أذرع ممدودة، وجملة مكتوبة في كل مكان:
“الجرح الثالث ليس جرحًا… إنه باب.”
يصلون لقاعة كبيرة. فيها دائرة مرسومة على الأرض، نفس الدائرة من الحلم. في المنتصف، لا يوجد شرشف هذه المرة… بل مرآة ضخمة، مستندة على الحائط.
فارس يقترب… يشوف انعكاسه، لكن مش هو.
نفسه، لكن أكبر عمرًا… بلا جرح… لكن في عيونه حزن عميق.
وفجأة، تسمع ديمة الصوت… الصوت اللي لطالما سمعوه في الحلم.
لكنه حي، حقيقي، يمشي في الجدران:
“أنتم من جُرحوا… لأنكم فقدتم نسختكم الأصلية.”
يظهر ظل أسود… طويل، غير ثابت. كأنه دخان على هيئة بشرية.
“الجرح الثالث يُمنح فقط للناجين… الذين قاوموا الاستنساخ. لكنه لم يكتمل. نحتاج المفتاح.”
فارس يصرخ:
“وش تبغى من ديمة؟!”
الظل يرد، صوته يتردد في الجدران وفي صدره:
“هي التي لم تُستنسخ. الندبة تحاول الدخول فيها، لكن إن رفضت… تختفي أنت وكل من يشبهك.”
ديمة تمشي ببطء نحو المرآة…
تضع يدها عليها.
وتقول بهدوء:
“إذا كنتم تبحثون عن الأصل… فأنا لست الأصل. أنا الاختيار.”
تنفجر المرآة بصوت مكتوم… الضوء يغمر الغرفة… وفارس يغلق عينيه.
✨ النهاية: العودة
صوت عصافير.
نسيم الصباح.
يفتح فارس عيونه… في سريره.
لا ظل.
لا جرح.
يركض للمرآة… ينظر لكتفه.
فارغ.
يمسك جواله. يفتح المعرض.
كل الصور اللي فيها الجرح… اختفت.
يتصل على ديمة.
ترد عليه، بصوت ناعم:
“صباح الخير… نمت؟”
“نمت… وصحيت.”
“تحس إنك… رجعت؟”
يبتسم:
“ما أدري إذا رجعت، أو رحت لمكان ثاني… بس أعرف إني الحين… أنا.”
تلتقط أنفاسها ثم تهمس:
“أنا بعد… وصار لي حلم. بس أول مرة ما كان فيه ظلال. بس كان فيه طفل صغير، يطالعني ويقول لي:
شكراً إنك ما سمحتي لهم ينسخوني.”
الصمت يلف المكالمة… ثم صوت ضحكة خفيفة من فارس:
“يعني… الجرح الثالث؟”
“تقفل.”
وتضحك معه.
يخرج فارس من شقته، أول أشعة شمس تلامس وجهه، وكأنه لأول مرة يحس بالدفء الحقيقي.
يمشي في الشارع، والناس حوله… لا ظل، لا نسخ.
فقط… واحد من كل شيء.