الفصل الأول: يا لها من قصة دافئة!
تفضل هذه الرواية الرومانسية القصيرة التي تدور أحداثها بين الجيران “نايف”
و “شوق”:
عطر الياسمين وقهوة الصباح في حي هادئ من أحياء الخليج،
تتلاصق البيوت وتتشابك حكايات الجيران.
كان نايف، الشاب الهادئ ذو العينين السوداوين اللامعتين،
يعيش في منزل يفوح منه عبق القهوة العربية في كل صباح.
أما شوق، الفتاة الرقيقة ذات الابتسامة الساحرة وعينين تشبهان سماء الصيف الصافية،
فكان منزلها المجاور يعبق برائحة الياسمين المتسلق على جدرانه.
منذ طفولتهما، كانت نظراتهما تتلاقى خجولة عبر فجوات الجدار الفاصل بين منزليهما.
كبرا وهما يشاهدان بعضهما يكبر،
يتبادلان الابتسامات العابرة والتحيات الخافتة.
كانت شوق تجد في هدوء نايف سنداً، وكان نايف يذوب في حياء شوق ورقّتها.
بدأت شرارة الحب الأولى تشتعل خفية في قلبيهما خلال ليالي رمضان الدافئة،
حين كانا يجلسان مع عائلتيهما في الحوش،
يتبادلان أطراف الحديث والنكات. كانت نظرة نايف تطيل الوقوف على عيني شوق،
وكانت خجلها يزيد من جاذبيتها في نظره. لكن لم تسر الأمور بسلاسة.
فالعادات والتقاليد قد تقف حائلاً أحياناً أمام رغبات القلوب.
كانت هناك همسات من هنا وهناك حول “اختلاف العائلتين”
و “مكانة كل أسرة”.
شعرت شوق بضيق في صدرها كلما سمعت هذه الكلمات العابرة،
وخاف نايف من أن تذبل زهرة حبه قبل أن تتفتح. قرر نايف أن يصارح شوق بمشاعره.
انتظر حتى هدأ الليل وساد السكون،
ثم أرسل إليها رسالة قصيرة عبر صديق طفولتهما المشترك:
“يا عطر الياسمين،
قهوتي في الصباح لا تحلو إلا برؤيا عينيكِ. هل تسمحين لي بأن أحدثكِ؟”
كان قلب شوق يخفق بعنف وهي تقرأ الكلمات المرتجفة.
ردت برسالة مماثلة: “يا هدوء قلبي، ياسميني ينتظر قهوتك في أي وقت.”
بدأت لقاءاتهما السرية في الحديقة الخلفية لمنزل شوق،
تحت ضوء القمر الخافت وهمسات النخيل.
كانا يتحدثان عن أحلامهما وآمالهما ومخاوفهما.
تعمّق حبهما مع كل كلمة وهمسة ونظرة.
لكن سراً كهذا لا يمكن أن يدوم طويلاً.
اكتشفت بعض النسوة الفضوليات في الحي لقاءاتهما،
وبدأت الأقاويل تنتشر كالنار في الهشيم. واجه نايف غضب والده،
وشعرت شوق بضغط كبير من عائلتها التي كانت تخشى “ما سيقول الناس”
. مرت أيام عصيبة على نايف وشوق. قلبهما يعتصر ألماً لفكرة الفراق،
لكن حبهما كان أقوى من كل الظروف. كانا يتسللان للقاءات خاطفة،
يتبادلان النظرات الحزينة والوعود الصامتة بالصمود. في أحد الأيام،
قرر نايف أن يواجه الجميع بشجاعة. ذهب إلى والد شوق وتحدث إليه بصدق وإخلاص،
معترفاً بحبه العميق لشوق ومؤكداً على نيته الصادقة بالزواج منها.
تأثر والد شوق بصدق نايف وعزيمته، لكنه كان لا يزال قلقاً بشأن تقاليد العائلة.
لم تيأس شوق أيضاً.
تحدثت إلى والدتها بدموع ورجاء،
شرحت لها كيف أن نايف ليس مجرد جار، بل هو نبض قلبها وروحها.
رأت الأم في عيني ابنتها صدق الحب والتعلّق، وتذكرت أيام شبابها وحبها الأول.
بعد أيام من التوتر والقلق، حدث ما انتظره العاشقان. دعا والد شوق نايف وعائلته،
وتحدث معهم بجدية ولكنه كان ليناً هذه المرة
. رأى في عيني نايف الحب الصادق لابنته،
وشعر بأن سعادة شوق هي الأهم.
في ليلة قمرية أخرى، لكن هذه المرة كانت مختلفة،
وقف نايف أمام منزل شوق، لا متسللاً خائفاً، بل واثقاً منتظراً.
خرجت شوق إليه بفستانها الأبيض،
وابتسامتها تضيء وجهها كالقمر المكتمل.
تزوج نايف وشوق، وتوّج حبهما الذي نشأ بين الجدران المتلاصقة بالزواج.
أصبح عبق الياسمين وقهوة الصباح يمتزجان في بيت واحد،
شاهداً على قصة حب جميلة تغلبت على كل الصعاب، لتثبت أن القلب إذا أحب بصدق،
لا يمكن لأي جدار أن يقف في طريقه. وعاشا في سعادة وهناء،
جيران الأمس، حبيبا اليوم، ورفيقا الدرب للأبد.